علنت تايلاند إنها تنوي إنشاء كارتل يحدد أسعار الأرز وفق نموذج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وذلك بالتعاون مع دول أخرى مثل بورما ولاوس وفيتنام وغيرها. وربما يطلق على هذا التجمع اسم "منظمة البلدان المصدرة للأرز".
وعزم أي بلد من البلدان على إنشاء تجمع أو منظمة بهدف التنسيق مع غيره من البلدان الأخرى بشأن تحديد أسعار الصادرات هو قرار بالتأكيد يخص ذلك البلد. ورغم ذلك فإن محاكاة مصدري الأرز للبلدان المصدرة للنفط يستدعي التوقف من عدة نواحٍ.
فتجمع البلدان المصدرة للنفط نشأ في ظل ظروف مختلفة تماماً. فعلى الرغم من أن منظمة الأوبك قد تأسست في الستينات فإنها في واقع الأمر لم تمارس دورها الفعلي إلا في السبعينات بعد أن جرى تأميم شركات النفط الأجنبية، حيث كان النفط قبل ذلك التاريخ لا يدر على البلدان المنتجة له إلا النزر اليسر من العوائد على شكل ريع فقط. ولذلك فإن إنشاء الأوبك كان الهدف منه بالدرجة الأولى التنسيق بين الدول المنتجة للنفط من أجل الحصول على قيمة عادلة لمنتجاتها. أي القيمة التي يحددها قانون العرض والطلب في السوق العالمية. وهذا الهدف مستمر إلى اليوم رغم تغير الظروف. أما بلدان جنوب شرق آسيا فإنها منذ زمان وهي تبيع محصولها من الأرز في الأسواق العالمية وفقاً لقانون العرض والطلب.
كما أن التحكم في عرض الأرز في السوق العالمية في اختلافه عن النفط مكلف. فخفض صادرات الأرز ومنعه من الوصول إلى الأسواق العالمية بالكميات التي تلبي الطلب عليه سوف يكلف البلدان المنتجة له مبالغ اضافية. فتخزين الحبوب لفترات طويلة يحتاج لإنشاء مستودعات ضخمة ومكيفة لحفظها من التلف. بينما البلدان المنتجة للنفط لا تعاني من هذه المشكلة وذلك لسهولة التحكم في الآبار المنتجة لمسايرة العرض والطلب في السوق العالمية. اللهم أن تلجأ "منظمة البلدان المصدرة للأرز" إلى إتلاف جزء من محصولها لتقليص المعروض منه للتصدير. ولكن الأرز من السلع التي تشملها اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. ولذلك فرفع الأسعار بهذه الطريقة أمر لا تسمح به قوانين التجارة الدولية.
ويجب أن لا ننسى هنا أن الأرز محصول متجدد في حين أن النفط مادة ناضبة. فرفع أسعار الأخير سوف تؤدي، طال الزمن أو قصر، إلى ايجاد بدائل عنه. ورغم مرارة هذه الحقيقة، بالنسبة لنا كبلدان منتجة ومصدرة للنفط، فإن عائدها على الاقتصاد العالمي إيجابي. ولذلك فلا غرابة أن تشجع البلدان الصناعية المستهلكة للنفط بشكل مباشر أو غير مباشر ارتفاع أسعاره حتى تتدفق الاستثمارات إلى مصادر الطاقة البديلة. وهذا أمر لا يمكن أن نقوله عن انتاج الأرز. فمن الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن مرونة الطلب على هذا الأخير ليست بنفس المستوى التي لدى النفط. فهناك العديد من البلدان التي سوف تعزف عن استهلاك الأرز أو تقلص تناولها له إلى الحدود القصوى في حال ارتفاع أسعاره. مما سوف يلحق أشد الضرر بالبلدان المنتجة له خلال فترة زمنية وجيزة. وهذا ليس شأن النفط الذي يعتبر الطلب عليه، على المستوى القريب والمتوسط، قليل المرونة في كافة أنحاء العالم.